دمروا المخيمات.. "هيومن رايتس" تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في الضفة الغربية
دمروا المخيمات.. "هيومن رايتس" تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في الضفة الغربية
أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، فى تقرير صدر، اليوم الخميس، أن عمليات التهجير القسري التي نفذتها الحكومة الإسرائيلية خلال عام 2025 ضد سكان ثلاثة مخيمات للاجئين في الضفة الغربية، تشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني.
وأوضحت المنظمة الحقوقية أن أكثر من 32 ألف فلسطيني هُجِّروا قسرًا، دون السماح لهم بالعودة إلى بيوتهم، في حين هدمت القوات الإسرائيلية المئات من منازلهم عمدًا، في سابقة تعيد إلى الأذهان موجات التهجير التاريخية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني عبر العقود.
وتناول التقرير الممتد لـ105 صفحات الذي حمل عنوان «تهجير إسرائيل القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية»، تفاصيل شاملة حول عملية عسكرية إسرائيلية أطلقت عليها اسم «السور الحديدي»، واستهدفت مخيمات: جنين، طولكرم، ونور شمس منذ 21 يناير 2025.
وأشارت المنظمة إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت مكبرات صوت مثبتة على مسيّرات لإبلاغ السكان بأوامر الإخلاء الفوري، ثم اقتحمت المنازل ونهبت الممتلكات واستجوبت الرجال والنساء والأطفال على حدّ سواء، قبل أن تُجبرهم على الخروج.
تجريف وهدم وانتهاكات
وثّق الباحثون عبر شهادات 31 لاجئًا فلسطينيًا، وصور أقمار صناعية، ووثائق عسكرية إسرائيلية، عمليات واسعة لتجريف المخيمات، وهدم المنازل، وتدمير البنية السكنية المكتظة.
وأكد التقرير أن القوات الإسرائيلية نشرت مروحيات أباتشي، ومسيرات، وجرافات عسكرية ضخمة لدعم مئات الجنود الذين استولوا على الأحياء، وأخرجوا السكان تحت تهديد السلاح.
وتكررت المشاهد ذاتها في مخيم طولكرم في 27 يناير، وفي مخيم نور شمس في 9 فبراير، حيث شاهد السكان جرافات الاحتلال وهي تسوي المنازل بالأرض أثناء إخلائهم قسرًا.
إغلاق كامل للمخيمات
كشفت المنظمة أن جيش الاحتلال لم يوفر أي مأوى أو مساعدات إنسانية لعشرات الآلاف من السكان المهجرين الذين اضطر الكثير منهم للجوء إلى بيوت أقارب مكتظة أو إلى المساجد والمدارس والجمعيات الخيرية.
منعت السلطات الإسرائيلية السكان من العودة إلى المخيمات حتى بعد توقف العمليات العسكرية، بل أطلقت النار على بعض من حاول الاقتراب لاستعادة متعلقاتهم، في حين سُمح لعدد محدود فقط بالدخول لجمع وثائق أو أدوية.
وأظهر تحليل صور الأقمار الصناعية الذي أجرته المنظمة أنه بعد ستة أشهر من العملية، كان أكثر من 850 منزلًا ومبنى في المخيمات الثلاثة قد دُمِّر أو تضرر بشكل بالغ.
أفاد تقييم لبرنامج الأمم المتحدة للأقمار الصناعية «يونوسات» في أكتوبر 2025 بأن 1460 مبنى تعرضت لأضرار متفاوتة، بينها 652 مبنى بأضرار متوسطة، ما يؤكد أن حجم التدمير يتجاوز بكثير التقديرات الأولية.
غياب أي أساس قانوني
برّر مسؤولون إسرائيليون العملية في رسالة للمنظمة باعتبارها استجابة لـ«التهديدات الأمنية» داخل هذه المخيمات، لكن التقرير يؤكد أن إسرائيل لم تقدم أي دليل على أن التهجير القسري كان الخيار الوحيد لتحقيق أهدافها العسكرية، أو لماذا تواصل منع السكان من العودة.
امتنعت السلطات الإسرائيلية عن الرد على استفسارات المنظمة بشأن خطط إعادة السكان أو السماح لهم بالعودة مستقبلًا.
وثّق التقرير الحقوقي أن القوات الإسرائيلية قتلت قرابة 1000 فلسطيني في الضفة الغربية منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، في ظل ارتفاع كبير في الاعتقال الإداري دون تهمة، وهدم المنازل، وتوسيع المستوطنات، وتصاعد عنف المستوطنين بدعم حكومي مباشر.
واعتبرت المنظمة أن التهجير القسري جزء من جرائم الفصل العنصري والاضطهاد التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية بصورة ممنهجة ضد الفلسطينيين في الضفة وغزة.
دعوة لمحاسبة قيادات إسرائيلية
طالبت المنظمة بالتحقيق مع كبار المسؤولين الإسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما يشمل مسؤولية القيادة المباشرة.
شملت قائمة الأسماء: قائد القيادة المركزية اللواء آفي بلوط، رئيسي أركان الجيش السابق والحالي هرتسي هاليفي وإيال زامير، وزير المالية وعضو المجلس الأمني بتسلئيل سموتريتش، وزير الجيش يسرائيل كاتس، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ودعت المنظمة المحكمة الجنائية الدولية إلى المضي في تحقيقاتها، كما دعت الدول إلى فرض عقوبات محددة الهدف، ووقف بيع السلاح لإسرائيل، وتعليق الاتفاقيات التجارية معها، وتنفيذ أوامر الاعتقال الدولية.
وذكّرت المنظمة بأن مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس أنشأتها وكالة الأونروا في أوائل الخمسينيات لإيواء الفلسطينيين الذين طُردوا عام 1948، وأن سكانها من اللاجئين وذريتهم يعيشون فيها منذ أكثر من سبعين عامًا، ما يجعل تهجيرهم اليوم امتدادًا لسلسلة طويلة من الاقتلاع التاريخي.










